hesham-sekem-1

أناسٌ في سيكم: هشام النجّار

 في ساعات الصباح الباكر، يكون فندق سيكم هو المبنى الأجمل بالمزرعة. يظل مختفي وراء الضباب حتى تشرق الشمس ببطء وتطلق أشعتها عبر شبابيكه الملونة الصفراء منها والحمراء، فيظهر جماله البسيط للغاية. فمن ردهة الفندق الواسعة، التي تنتصفها شجرة فرانجيباني العطرة الساطعة عبر سقف الفندق المفتوح، يظهر رجلٌ ذو نظرة فخر واعتزاز، هو هشام النجار، مدير فندق سيكم.

هذا الرجل اللطيف الخلوق، ذو الطول والوسامة، كل شيء يقع تحت سيطرته، ولكن إذا تطلب الأمر إلى مساعدة، يهم بالعمل في المطبخ على سبيل المثال. يعرف جيدًا كيف يكون واضحًا في تصريحاته، حيث يقول رئيس العمل بفندق سيكم: ’’من المهم بالنسبة لي أن أتعلم أنا والعاملين معي من الأخطاء، بدلًا من تكرارها؛ ولهذا نعمل بطريقة منظمة وممنهجة‘‘. يدرك جيدًا ما يقوله ويتحدث عنه، فهشام النجار لا يقتصر عمله على إدارة الفندق فحسب، هو ينظم أيضًا خدمة الزائرين كاملةً ويهتم بإقامتهم وكذلك بإدارة المطاعم الستة بمزرعة سيكم. يعمل تحت إشرافه 30 موظفًا – إنها حقًا مهنة تستغرق وقتًا طويل وذات مسؤولية كبيرة. في كثير من الأحيان يقضي هشام  المساء، بل والإجازات الأسبوعية أيضًا بمزرعة سيكم، ولكن هذا لا يهم لأنه “يحب عمله ويحب الناس بسيكم‘‘، بحسب قول عامل سيكم المتفاني.

من المطبخ إلى مدير الفندق

لكن يبدو الأمر وكأن هشام قد سلك طريقًا مختلفًا تمامًا، حيث كانت الأجيال بعائلته مرتبطة بالعمل في مجال النجارة، وعليه خطط هشام أن يكون نجّارًا أيضًا. ولكن عندما ذهب إلى مدينة دهب السياحية بالبحر الأحمر لقضاء فترة تدريبه، تعرّف إلى الأعمال الفندقية. وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة، ألهمته تلك الوظيفة وقرر أن يحوّل مسار مهنته ويتدرب على العمل كطبّاخ. عمل هشام بحماس بالغ حتى ساعات الليل المتأخرة واستمر بهذا العمل حتى بعد ما عاد زملاؤه إلى مدنهم بالفعل.

عندما هاجر أخوه الأكبر إلى المملكة العربية السعودية، عاد هشام إلى موطنه، بجوار مزرعة سيكم ليهتم بأبويه وأخواته الستة. وفي يومٍ ما، دعاه أحد أصدقائه إلى زيارة مزرعة سيكم، في نفس توقيت افتتاح مطعم لمدرسة سيكم، وعمل هشام هناك كطبّاخ. وبالتدريج، ازداد عدد مؤسسات سيكم شيئًا فشيء، وازدادت معها مسؤوليات هشام، الذي ترك مهنته كشيف وأصبح منظّم للعديد من المطاعم، ثم رئيس خدمة الزائرين الكاملة.

الإلهام مفقود

ومع نمو سيكم، ازداد الإقبال على المزرعة، وأصبح هناك العديد والعديد من الأفراد الراغبين بزيارة المزرعة والتطلع إلى ما بها من سبل إقامة وطعام. وعليه اجتمع هشام مع مؤسس سيكم، د.إبراهيم أبوالعيش وقررا بناء فندق بها في عام 2010. وخططا معًا شكل البناء والتنظيم: 37 غرفةً للزوار، وردهة كبيرة للطعام، وغرفة للمؤتمرات والاجتماعات واستراحتان للضيوف، الإقامة الأشهر بسيكم اليوم. ويقدر الزائرون القادمون من جميع أنحاء العالم، الخدمة المريحة والبسيطة والعظيمة في سيكم.

ومن الواضح أن هشام يعي تمامًا كيف تجذب سيكم العديد من الناس: ’’في الحقيقة، أرى أن العالم بأكمله عليه أن يأتي ليرى سيكم ويتعلم من د.إبراهيم أبوالعيش‘‘. إن رب الأسرة هذا ذو الأربعة والأربعين عامًا، يجد أن كل ما يواجه مصر من تحديات موجود في مدينته كل يوم. ’’الناس يمشون في الطرقات متحدثين عن التغيير ولكن لا شيء يتغير‘‘، هكذا كان وصفه للأمر. ويقول: ’’ليس لديهم أي دافع للتغير، ولا مصدر لإلهامهم. فقد أصبحوا أسرى لآرائهم ووجهات نظرهم‘‘. إنه شيء مختلف تمامًا عما اختبره بنفسه في سيكم. ’’هنا، نحن نحترم بعضنا البعض. نتبادل الخبرات، ونحاول أن نحدِث تغييرًا كل يوم وأن نجعل الأمور أفضل‘‘.

’’كل فرد منا لديه الفرصة، بل والمسؤولية أيضًا لإحداث التغيير‘‘.

يحاول هشام أيضًا أن يعلّم أبناءه تلك القيم. فهو يذهب إلى مدارسهم من حين لآخر لتشجيع المعلمين على تطوير النظام التعليمي الحكومي هدفًا تنمية الشغف لدى التلاميذ – مثلما رأى الأمر بمؤسسات سيكم التعليمية. ’’في الماضي، اعتدت أن أكون قليل الطموح تجاه إحداث أي تغيير‘‘، يقولها هشام الذي ’’أصبح الآن يؤمن أنه علينا أن نمرر الأشياء الجيدة التي تلقيناها، علينا أن نذهب إلى الآخرين ونجري معهم المناقشات ونحاول أن نقنعهم أن لكل فرد الفرصة بل والمسؤولية لإحداث تغيير‘‘.

ما يتمناه هشام للمستقبل هو: أن يكون قادرًا على بدأ كل يوم بشيء جديد وأن يشارك في إحداث التغيير في المجتمع. ’’لا يجب على أبنائي أن يحصلوا على أعلى الدرجات الجامعية، ولكن عليهم أن يتعلموا كيف يكوّنوا آرائهم بأنفسهم وأن يطبقوا هذا على أمور حياتهم. الشهادة لا تصنع منهم أشخاصًا مستقلين يعرفون كيف يكون الحل لمشكلاتهم‘‘، هكذا قالها مدير فندق سيكم. إن هذا يحتاج أيضًا إلى وجود شبكة اجتماعية جيدة، بحسب قوله: ’’العمل، والأصدقاء، والعائلة – إذا سقط أحدهم، من المهم أن يكون الآخرون أقوياء بشكل كافٍ لتحمل الضعفاء في تلك اللحظة‘‘.

تعلّم هشام النجار الكثير في سيكم: من د.إبراهيم أبوالعيش، وزملائه والزائرين الوافدين من جميع أنحاء العالم. ويبدو هشام أنه دائمًا منهمك في التركيز تجاه مسؤوليات عمله ومتطلباته – ولكن عندما يظهِر ابتسامته النادرة للضيوف، تلمع عيناه الجميلتين، كجمال واجهة فندق سيكم في ضوء شمس الصباح.

كريستين أرلت

فندق سيكم
زيارة أويكوكريديت الشريكة لسيكم
السفير الألماني في سيكم